الأحد، 27 مارس 2016

بحث عن التلوث

مقدمة:-
يتفق الخبراء البيئيون بأن المشاكل البيئية الراهنة، التي تستلزم حلولآ ومعالجات عاجلة،هي كثيرة، وشائكة ومعقدة، وبخاصة التلوث البيئي بشتى أنواع الملوثات والسموم البيئية،وتداعياته الخطيرة، تقابلها،في العديد من دول العالم، وبضمنها العالم العربي، إجراءات علاجية دون المستوى المطلوب.ويقر الجميع بالحاجة الماسة لخلق تربية بيئية، ووعي بيئي، وثقافة بيئية لدى عامة الشعب لإدراك أهمية البيئة وضرورة المحافظة على مقوماتها، وغرس السلوك الإنساني السليم،بوصفه العامل الأساسي الذي يحدد إسلوب وطريقة تعامل الإنسان، فرداً وجماعة، معها، وإستغلال مواردها، بما من شأنه المحافظة على القوانين التي تنظم مكوناتها الطبيعية وتحفظ توازنها بشكل محكم ودقيق، وإشاعة التعامل معها في ضوء قوانينها الطبيعية وبعقلانية وحكمة في الإستخدام، بعيداً عن الإسراف والتلف وإستنزاف الموارد البيئية، بما فيها الموارد الدائمة، والمتجددة، وغير المتجددة، من خلال ترشيد وضبط الإستهلاك، بإعتبارها الضمانات الملبية لحاجات الإنسان والإيفاء بمتطلباته عبر الأجيال المختلفة..

ولكي تتحقق هذه المطالب المشروعة، لابد من دراسة المشاكل البيئية القائمة دراسة جدية ومعمقة بغية الوصول الى معالجات فاعلة.. من هنا،ومع أن المشكلات البيئية سيتم تناولها بالتفصيل في مادة " المشاكل البيئية المعاصرة في العالم"،التي تدرس في الفصل الأول – ماجستير،إلا أننا نجد من المفيد أن نعرف طالب الفصل التأهيلي بأبرز هذه المشكلات بشكل مكثف..



الموضوع:-
التلوث البيئي
التلوث هو أخطر تهديد للبيئة ،لما يسببه من أذى وضرر للحياة البشرية، أو لحياة الأنواع الأخرى،أو يضر بالشروط الحياتية والنشاطات البشرية، أو بالمكتسبات الحضارية، وقد يبدد ويقضي على الموارد الأولية. والواقع ان التلوث طال كل شيء في الحياة..

لقد أصبح التلوث مشكلة كبيرة أعطيت الكثير من الإهتمام بالنظر لآثارها السلبية في نوعيية الحياة البشرية.فالملوثات تصل الى جسم الإنسان في الهواء الذي يستنشقه وفي الماء الذي يشربه وفي الطعام الذي يأكله وفي الأصوات التي يسمعها، هذا عدا عن الآثار البارزة التي تحدثها الملوثات بممتلكات الإنسان وموارد البيئة المختلفة.أما إستنزاف موارد البيئة المتجددة وغير المتجددة، فهي قضية تهدد حياة الأجيال القادمة[ ].
والمؤسف ان أغلب العوامل المسببة للتلوث هي عوامل من صنع الإنسان، وقد إزدادت بصورة خطيرة مع التقدم الصناعي، ومع التوسع الهائل في إستخدام الطاقة، وإزدياد مشاريع التنمية الإقتصادية، خاصة تلك التي تجاهلت المسألة البيئية وأهملت حماية البيئة والمحافظة عليها.
فلو دققت بمصادر تلوث الهواء، تجد ما هي إلا مخلفات الصناعية المختلفة- مخلفات إحتراق الطاقة ( الفحم الحجري، النفط، الغاز)- غازات عوادم السيارات- الإشعاع الذري،المواد الكيمياوية المؤدية الى تاَكل الأوزون، الغازات المنبعثة من نشاطات بشرية مختلفة والتي تؤدي الى تغييرات مناخية وغيرها.
ومن مصادر تلوث المياه:المخلفات الصناعية والبشرية والحيوانية،التلوث الناجم عن الصرف الصحي،الأسمدة والأدوية والمبيدات، وتبديد المياه.
ومن مصادر تلوث التربة:المخلفات الصناعية والزراعية والبشرية،إنحسار الغطاء النباتي للتربة،التصحر،التملح، الإنجراف، تدمير الغابات والأشجار، سوء الإستثمار الزراعي للأرض،التوسع العمراني على حساب المناطق الخضراء، دفن النفايات النووية والكيمياوية،بقايا الأسمدة الزراعية والمبيدات الحشرية، وغيرها.
وهنالك التلوث الغذائي،وما يسببه من تسمم يقتل الألوف سنوياً، ويخلف العوق لألوف أخرى من البشر.
وكذلك التلوث الصوتي،أو الضجيج، وأهم مصادره: الضجيج المنتشر في التجمعات السكانية والمناطق الصناعية والورش، والى جوار المطارات ومحطات سكك الحديد، وغيرها.
وهكذا، فان التلوث ينقسم عموماً الى: تلوث مادي: مثل تلوث الهواء والماء والتربة.وتلوث غير مادي: كالضوضاء التي تنتج عن محركات السيارات والآلات والورش والماكينات وغيرها، مما تسبب ضجيج يؤثر على أعصاب الإنسان ويلحق به الكثير من الأذى الفسيولوجي والضرر السيكولوجي، حيث تثير أعصاب الإنسان وتزيد من توتره وهياجه.بالإضافة الى الضرر العضوي- إصابة جهاز السمع بالصمم أوقلة السمع.

والواقع،أصبح تلوث البيئة ظاهرة نحس بها جميعاً، لدرجة ان البيئة لم تعد قادرة على تجديد مواردها الطبيعية،فأختل التوازن بين عناصرها المختلة، ولم تعد هذه العناصر قادرة على تحلل مخلفات الإنسان، او إستهلاك النفايات الناتجة عن نشاطاته المختلفة.وأصبح جو المدن ملوثاً بالدخان المتصاعد من عادم السيارات، وبالغازات المتصاعدة من مداخن المصانع ومحطات القوى، والتربة الزراعية تلوثت نتيجة الإستعمال المكثف والعشوائي للمخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية.. وحتى أجسام الكائنات الحية لم تخل من هذا التلوث..فكثير منها يختزن في أنسجته الحية نسبة من بعض الفلزات الثقيلة..ولم تسلم المجاري المائية من هذا التلوث.. فمياه الأنهار والبحيرات في كثير من الأماكن أصبحت في حالة يرثى لها، نتيجة لما يلقى فيها من مخلفات الصناعة، ومن فضلات الإنسان، كما أصاب التلوث البحيرات المقفلة والبحار المفتوحة على السواء..كذلك أدى التقدم الصناعي الهائل الى إحداث ضغط هائل على كثير من الموارد الطبيعية.. خصوصاً تلك الموارد غير المتجددة، مثل الفحم وزيت البترول وبعض الخامات المعدنية والمياه الجوفية، وهي الموارد الطبيعية التي إحتاج تكوينها الى إنقضاء عصور جيولوجية طويلة، ولا يمكن تعويضها في حياة الإنسان.ولقد صحب هذا التقدم الصناعي الهائل الذي أحرزه الإنسان ظهور أصناف جديدة من الموارد الكيميائية لم تكن تعرفها الطبيعة من قبل.. فتصاعدت ببعض الغازات الضارة من مداخن المصانع ولوثت الهواء، وألقت هذه المصانع بمخلفاتها ونفاياتها الكيميائية السامة في البحيرات والأنهار.وأسرف الناس في إستخدام المبيدات الحشرية ومبيدات الآفات الزراعية، وأدى كل ذلك الى تلوث البيئة بكل صورها..فتلوث الهواء.. وتلوث الماء.. وتلوثت التربة، وإستهلكت وأصبح بعض الأراضي الزراعية غير قادر على الإنتاج..كذلك إزدادت مساحة الأراضي التي جردت من الأحراش والغابات وإرتفعت أعداد الحيوانات والنباتات التي تنقرض كل عام، كما إرتفعت نسبة الأنهار والبحيرات التي فقدت كل ما بها من كائنات حية، وتحولت الى مستنقعات[ ].

واليوم،يخطئ كل من يعتبر تلوث البيئة هو شأن محلي،أو مشكلة محلية، لآن البيئة في الحقيقة لا تخضع لنظام إقليمي، وإنما هي مفتوحة، وهو ما يجعل التلوث مشكلة دولية، تساهم فيها جميع الدول تأثراً وتأثيراً.ولا أدل على ذلك من تساقط كميات هائلة من ملوثات على كثير من الدول الأوربية عن طريق الأمطار لم تنتج من قبلها، بل نتجت عن مناطق ملوثة، وإنتقلت عبر الرياح والمياه ومع الأمطار من بلد الى اَخر. وعادة ما تنتقل الملوثات مباشرة عبر الرياح من مكان ملوث الى اَخر غير ملوث.وهناك مشكلة تلوث مياه الأنهار والمحيطات والبحار،التي أصبحت مشكلة عالمية..وهناك مشكلة تصدير وإستيراد المواد الغذائية من مناطق ملوثة وذات تأثير خطير، وتحولها من مشكلة إقليمية الى مشكلة عالمية.ومشكلة ثقب الأوزون التي تشترك فيها كل دول العالم، وتعتبر من أهم المشاكل البيئية التي يعتبر العالم كله مسؤولاً عنها، ولا يمكن تدارك مخاطرها،إلا إذا تعاونت كل الدول، متقدمة ونامية، من أجل تقليل الملوثات التي تصل الى البيئة.

إن العديد من علماء البيئة يجمعون بان الفقراء هم الأداة الأكثر إضراراً بالأنظمة البيئية سعياً وراء العيش والحياة، حيث أنهم يستهلكون ويستعملون ما يقع تحت أيديهم من أجل الحصول على الطاقة أو الغذاء، حيث يتسبب إستخدام الحطب والمخلفات الزراعية والفحم والروث كوقود في الأغراض المنزلية في تلوث كثيف داخل المباني، وهو التلوث الذي تتعرض له في الأغلبية النساء والأطفال.وأدرجت العديد من الدراسات بيانات وإحصائيات تشير الى إرتفاع نسبة الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وسرطان الأنف والحنجرة بسبب التعرض لإنبعاثات مثل هذا الوقود[ ]..

فقبل عقدين،أكد تقرير لمنظمة الصحة العالمية Who ان البيئة الملوثة تقتل أكثر من 30 ألف شخص يومياً في دول العالم الثالث، وان أكثر من نصف سكان العالم لا يستطيعون الحصول على مياه نقية خالية من الميكروبات، وأن 6 ملايين طفل في الدول النامية يموتون سنوياً من جراء الإصابة بالإسهال، وان نصف سكان هذه الدول يعانون من مشاكل الديدان الطفيلية. وأكد مؤتمر المدن والعواصم الإسلامية، الذي عقد في القاهرة في أيلول / سبتمبر 1986، إرتفاع نسبة الوفيات في العالم نتيجة للتلوث من 60 حالة وفاة عام 1930 الى 2000 حالة وفاة عام 1985.


المشكلة السكانية

نظراً لوخامة المشكلة،أصبحت المجتمعات البشرية والمؤسسات والمنظمات العلمية البيئية تضع نصب أعينها مشكلة القضية السكانية، وذلك بسبب العلاقة التبادلية الهامة بين السكان ومسيرة التطور الإجتماعي والأقتصادي.وقد أظهرت البحوث العلمية الميدانية في كثير من المجتمعات ان عدم أخذ العامل السكاني بعين الأعتبار في التخطيط التنموي والبيئي سيؤدي الى حدوث خلل تنموي، بحيث تغدو المجتمعات عاجزة عن تلبية الحاجات الإجتماعية والإقتصادية والبيئية للأفراد[ ].

وللتدليل على خطورة ظاهرة التزايد السكاني العالمي وما يتبعه من عملية إستنزاف للموارد،فان عدد سكان العالم يبلغ حالياً أكثر من 6.3 مليار نسمة، ومن المتوقع ان يصل الرقم الى 14.2 مليار نسمة عام 2025، إذا إستمر معدل النمو السكاني الحالي على ما هو عليه، والذي يساوي 1.67 % سنوياً.
ومن النتائج الناجمة عن معدلات الزيادة السكانية في العالم إرتفاع نسبة فئة الأعمار من 1-24 سنة لتشكل ما مجموعه 50 % من عدد سكان العالم عام 2000، وإزدياد معدلات الهجرة من الريف الى المدينة في الدول النامية، وزيادة معدلات الكثافة السكانية والإزدحام في المدن الكبرى[ ].







الخاتمة:-
ومن أهم الأخطار البيئية التي تهددها عملية النمو السكاني العشوائي هي:
1- الإكتظاظ السكاني في المدن وما يتبعه من مشاكل بيئية وإجتماعية وصحية.
2- الهجرة من الريف الى المدينة مما يتخلى الريف من المزارعين وتتدهور التربة.
3- توسع المدن والمراكز على حساب الأراضي الزراعية المنتجة.
4- الإستعمال الخاطئ والعشوائي للمبيدات والمخصبات من قبل المزارعين[ ].




-تلوث الهواء داخل الأماكن: يقتل قرابة مليون طفل سنويا نتيجة العدوى التنفسية الحادة، وكذلك الأمهات اللاتي يكلفن بالطبخ أو يبقين قريبات من المواقد بعد الولادة يتعرض معظمهن للإصابة بالأمراض التنفسية المزمنة، نتيجة التلوث باستخدام وقود الكتلة الحيوية الذي لا يزال منتشراً على نطاق واسع.
-الملاريا: تقتل ما يقدر بمليون طفل دون الخامسة في كل عام، ومعظمهم في أفريقيا. ويمكن أن تتفاقم الملاريا نتيجة سوء معالجة المياه وتخزينها وعدم ملاءمة المساكن واجتثاث الأشجار وضياع التنوع البيولوجي.
-الإصابات البدنية غير المتعمدة: التي قد ترتبط بأخطار بيئية في الأسرة أو المجتمع، تقتل قرابة 300 الف طفل سنوياً، تُعزى 60 الف حالة منها إلى الغرق، و40 الف حالة إلى الحرائق، و16 الف حالة إلى التسمم، و50 الف حالة إلى حوادث المرور على الطرق، وأكثر من 100 الف حالة تعزى إلى اصابات أخرى غير متعمدة.
-الرصاص (الموجود في الجو) والزئبق (الموجود في الطعام والمواد الكيميائية الأخرى): يمكن أن تُؤدي على المدى الطويل إلى آثار مزمنة مثل العقم والإجهاض وعيوب الولادة.
-المبيدات والمذيبات والملوثات العضوية: قد تؤثر على صحة الجنين، إذا تعرضت الأم لها، كما تتأثر صحة المواليد، الذين تنمو أجسامهم سريعا، بارتفاع مستويات الملوثات في لبن الثدي. وفي بعض الحالات قد لا تظهر الآثار الصحية إلا في مقتبل العمر[ ].

المراجع

1- المحامي مروان يوسف صباغ، البيئة وحقوق الإنسان، كومبيونشر، بيروت، 1992
2- محمد السيد أرناؤوط، الإنسان وتلوث البيئة،الدار المصرية اللبنانية،1993،
3- د. علياء حاتوغ- بوران و محمد حمدان أبو دية، علم البيئة،دار الشروق، عمان، 1994
4- روبرت لافون-جرامون، التلوث، ترجمة: نادية القباني، مراجعة: جورج عزيز، الناشر للطبعة العربية:"ترادكسيم"، 1977.
5-مصطفى عبد العزيز، الإنسان والبيئة،القاهرة، المطبعة الحديثة، 1978.
6-طلال يونس، التربية البيئية ومشكلات البيئة الحضرية، ورقة عمل قدمت في ندوة دور البلديات في حماية البيئة ي المدن العربية، الكويت، منظمة المدن العربية، 1981.
7- زين الدين عبد المقصود، البيئة والإنسان، علاقات ومشكلات، القاهرة، دار عطوة، 1981.
8- إبراهيم خليفة، المجتمع صانع التلوث، قضايا بيئية، العدد 12، الكويت، جمعية حماية البيئة الكويتية، 1983.
9- محمد عبد الفتاح القصاص، قضايا البيئة المعاصرة، العلوم الحديثة، العدد 1، السنة 16، 1983
10- رشيد الحمد ومحمد صباريني، البيئة ومشكلاتها،عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،الكويت،ط2، 1984.
11- د. محمد صابر سلين، د. أمين عرفان دويدار، د. حسني أحمد إسماعيل، ود. عدلي كامل فرح، علوم البيئة، وزارة التربية والتعليم، بالإشتراك مع الجامعات المصرية، برنامج تأهيل معلمي المرحلة الإبتدائية للمستوى الجامعي، 1986

قصة المرأة التي دخلت على داود عليه السلام فقالت : يا نبي الله ! ربك ظالم أم عادل ؟

قصة جميلة :
روي أن امرأة دخلت على داود عليه السلام فقالت : يا نبي الله ! ربك ظالم أم عادل ؟
فقال داود : ويحك يا امرأة هو العدل الذي لا يجور . 

فقال لها : ما قصتك ؟
قالت : أنا أرملة ، عندي ثلاثة بنات أقوم عليهن من غزل يدي ، فلما كان أمس شددت غزلي بخرقة حمراء ، وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه وأطعم أطفالي ، فإذا بطائر انقض علي وأخذ الخرقة والغزل وذهب ، وبقيت حزينة لا أملك شيئا أطعم به أطفالي. فبينما كانت المرأة مع داود عليه السلام في الكلام إذا بالباب يطرق على داود ، فأذن بالدخول ، وفوجئ حينها بعشرة من التجار ، كل واحد بيده (100) دينار ,
قالوا : يا نبي الله أعطها لمستحقها . فقال داود عليه السلام : ما كان سبب حملكم هذا المال ؟ قالوا : يا نبي الله ! كنا في مركب ، فهاجت علينا الريح ، وأشرفنا على الغرق ، فإذا بطائر يلقي علينا خرقة حمراء وفيها غزل ، فسددنا به عيب المركب ، فهانت علينا الريح ، وانسد العيب ، ونذرنا إلى الله أن يتصدق كل واحد منا ب (100) دينار ، وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت. فالتفت داوود عليه السلام إلى المرأة
وقال لها : ربي يجزيك في البر والبحر وتجعلينه ظالما ؟! .. وأعطاها المال ، وقال : أنفقيه على أطفالك

تقرير عن تحمل المسؤولية

المقدمة
الحمد لله عز وجل على عظيم نعمه وفضله وعلى أن يسر لي إتمام هذا العمـل الـذي أقدمه وأنا راجي الله العلي القدير أن يجعله في ميزان حسناتي خالصا لوجهه الكريم ويتقبله مني وأن تجد فيه أمتي ما ينفعها ويصلح من أحوالها.
هل فكرت يوما أن كل شئ أنت عليه أو ستكون عليه معتمدا عليك؟ تصور فقط! أنت فيما فيه بسبب ما انت عليه. كل ما لديك في حياتك موجود بسببك، بسبب سلوكك وكلماتك وأفعالك، بسبب أن لديك حرية للإختيار ولأنك اخترت كل الظروف في حياتك، أنت مسئول عن كل نجاح وفشل، كل سعادة وتعاسة، مسئول عن حاضرك وعن مستقبلك.
هذه الفكرة تماثل قفزة بالمظلات: تبعث على الخوف والإثارة في نفس الوقت. هي أحد أكبر وأهم فكرة من الممكن أن تحدث لك أو لغيرك. تحمل المسئولية الشخصية هو ما يفرق بين الناضج والطفل، هو قفزة إلى النضوج. المسئولية هي علامة الإنسان العامل والمتكامل في قمة حالاته. المسئولية تسير متوازية مع النجاح والإنجاز والحماس والسعادة وتحقيق الذات. وهي أقل احتياجات تحقيق أي شئ في الحياة. قبولك لمسألة أنك مسئول مسئولية كاملة عن نفسك ووعيك بأن لا أحد سيأتي لنجدتك هو أول خطوة في طريق تحملك لمسئولياتك. هناك القليل جدا من الأشياء التي لا تستطيع فعلها أو الحصول عليها بعد قبول أن "إذا كان مقدرا له الحدوث فالخيار لي!".

عكس تقبل المسئولية هو البحث عن الأعذار ولوم الناس ولوم الأشياء التي تحدث لك في حياتك. وبما ان كل شئ نفعله هو من قبيل العادة، إذا اعتاد الإنسان البحث عن الأعذار هو يعتاد في نفس الوقت تجنب المسئولية. إذا استطاع هذا الإنسان أن يضع هدفا لنفسه فهو يرفقه فورا بعذر احتياطي في حالة صعوبة تحقيق الهدف أو احتياجه لقدرات ذاتية أعلى أو مثابرة أكثر مما كان يعتقده. وبمجرد أن تسير الأمور بضعف تخرج الشخصيات الغير مسئولة بأعذارها لتحافظ على مظهرها أمام الناس ولكن هذا الأسلوب لن ينفعها على المدى الطويل.
أهم جزء في مسألة المسئولية الذاتية تشمل سعادتك وسلامك الداخلي. هناك علاقة مباشرة بين المسئولية والسعادة في ناحية وبين الهروب من المسئولية و التعاسة من ناحية أخرى.
لماذا؟ لأن مفتاح السعادة هو الحصول على الإحساس بالتحكم في مفردات حياتك. كلما زادت قوة تحكمك كلما كنت أسعد. الموظفون الذين تولوا مناصب قيادية أسعد من موظفي الشركة الآخرون الأقل في المسئولية، ذلك لأن كلما زاد الشعور بالقدرة على التحكم وأخذ قرارات وتنفيذها كلما زادت السعادة. كلما زادت مسئوليتك في شركتك
 كلما زادت القوة والسلطة والإحترام الذي تتلقاه.
كلما توليت مسئوليات أكثر كلما كنت أكثر تحكما كلما كنت أكثر حرية لأن لديك حرية أن تتخذ قراراتك بنفسك.
أسعد الناس في العالم هم الذين يشعرون براحة تجاه أنفسهم وتلك هي الصفة التي تتولد تلقائيا مع تقبل المسئولية الكاملة عن كل جزيئة في حياتك.
في الطرف الآخر هناك الشخصيات الغير مسئولة التي تصل إلى درجة أنها لا تستطيع أن تجلس أو تسير دون أن يساعدها أحد. يقول توماس زاز وهو عالم تحليل نفسي كبير أنه لا يوجد شئ اسمه الجنون ولكن هناك درجات متفاوتة من التنصل من المسئولية".
الشخص الغير مسئول معرض بشكل كبير إلى الغضب والعدوان والخوف والكره وكل أنواع المشاعر السلبية. لذلك فإن المشاعر السلبية مرتبطة باللوم. 99% من إجمالي مشاكلنا موجودة لأننا نستطيع أن نلقي باللوم على آخرين سواء من البشر أو الظروف أو ما إلى ذلك، ولو توقفنا لوهلة عن ذلك وتحملنا مسئولية مشاكلنا لإنتهت جميع المشاعر السلبية التي نعاني منها.

ما هو ترياق إلقاء اللوم على الآخرين؟ هذه العملية بسيطة فبما أن عقلك يستطيع أن يتحمل فكرة واحدة في ذات الوقت إما سلبية أو ايجابية، تستطيع أن تتلافى اللوم والغضب من الآخرين بأن تقول لنفسك أنا المسئول.
لن تستطيع أن تجمع بين تحملك لمسئولية الفعل والغضب في آن واحد لأن تحمل المسئولية ينفي المشاعر السلبية والطرق الجانبية والميول تجاه التعاسة.
تحمل المسئولية يجعلك عقلك أكثر هدوءا ويعطيك رؤية واضحة لأنه يهدئ من انفعالاتك ويتيح لك فرصة التفكير الإيجابي البناء. وبالفعل فإن تحملك المسئولية غالبا ما يعطيك رؤية لما يجب أن تفعله لحل تداعيات موقف ما.
على سبيل المثال، أم تشتكي من أبنائها إذا سألت نفسها بدلا من هذه الشكوى لماذا وصل الحال إلى ذلك لوجدت أن الأبناء يفعلون ما هو انعكاس لتصرفها معهم من البداية والحل ليس في الشكوى ولكن في البحث عن السبب ومعالجته من الأم نفسها. لو أن الإنسان سأل نفسه عن سبب الأحداث الخارجية لوجد أن الكثير منها إنعكاس لشئ فعله أو يفعله، وسيكتشف أنه بالفعل مسئولا عن قدر كبير مما يحدث من حوله بعد أن أضاع وقته يلقي باللوم على الآخرين.
إذا كنت تمر بمشاكل علاقة زوجية سيئة فمن الذي زوجك؟ ليس من المعقول أن احدهم صوب إلى رأسك مسدسا وأجبرك على الزواج. كان لك حرية الإختيار وإذا لم تكن سعيدا فيجب أن تفعل شيئا حيال ذلك. وكما قال هنري فورد:" لا تشتكي ولا تبرر"، إذا كنت غير سعيد بحالك افعل شيئا، وإذا لم تكن تنوي فعل شئ لا تشتكي.
تحكي قصة عن عامل بناء أتى في وقت الراحة ليأكل فوجد أن معه شطيرة سردين فغضب وظل يشتكي بصوت عالي للكل أنا أكره الساردين. وفي اليوم التالي تكرر نفس الشئ وظل العامل يشتكي بصوت عال من الساردين، ثم تكرر ذلك في اليوم الثالث حتى ضاق به زملاؤه فقالوا له قل لزوجتك أنك تكره الساردين كي لا تعطيه لك، فنظر إليهم العامل وقال أنا لست متزوجا وأنا الذي أصنع الشطائر بنفسي.
الكثير منا يضع نفسه في هذا الموقف فهو يشتكي من الظروف التي هي ربما بالكامل نتاج ليديه وبيده إصلاحها. هل هذا صحيح بالنسبة لك؟ ابحث في حياتك وعلاقاتك واسأل نفسك أي الأجزاء تنطبق على حالة هذا العامل.
هل أنت غير سعيد بوظيفتك؟ هل أنت غير سعيد بالمبلغ الذي تتقاضاه نظير عملك؟ هل أنت سعيد بدرجة تحملك لمسئولية جميع أنشطتك اليومية؟ إذا كانت إجابتك بلا فيجب أن تتقبل تماما أنك المسئول عن كل شئ في حياتك وفي عملك ومستقبلك المهني والأسري.

لماذا؟ لأنك اخترت كل شئ بحرية، لقد اخترت وظيفتك وقبلت مرتبك وإذا كنت لسبب ما غير سعيد بهما فهو طبقا لك أن تفعل شيئا تجاه تغيير واقعك، سواء كان ذلك باستخدام أفضل لقدراتك العقلية ومواهبك ومساندتهم بالدافع والحماس والنظام وستجني نتائج.
تعليق أريد أن أضيفه لهذا الموضوع ليستقيم مع ثقافتنا الإسلامية، وهو الفرق بين فكرة أنك مسئول عن كل شئ "الغربية" ومسئول عن كل شئ "الإسلامية"، أنت بالفعل مسئول مسئولية كاملة لكن بفكرة الغرب أسباب النجاح حياتية بحتة وبفكرة الإسلام أسباب النجاح أولها أن تسلم وجهك لله ولما أمرك به ثم تنتقل إلى الأخذ بالأسباب المناسبة لأهدافك في الدنيا وأنت على علم أن الله هو الذي ييسر لك هذه الأسباب لتنجح بها أو أنه يرزقك بما يساعدك على هدفك من حيث لا تحتسب ليريك آياته مكافأة لك على صبرك واجتهادك واحسانك في عملك ويقينك في رب العالمين.

المراجع

من موقع شبكة الامارات



الخاتمة
وهكذا لكل بداية نهاية ، وخير العمل ما حسن آخره وخير الكلام ما قل ودل وبعد هذا الجهد المتواضع أتمنى أن أكون موفقا في سردي للعناصر السابقة سردا لا ملل فيه ولا تقصير موضحا الآثار الإيجابية والسلبية لهذا الموضوع الشائق الممتع ، وفقني الله وإياكم لما فيه صالحنا جميعا .